وهذه نعمة أخرى جليلة، لا تقل منزلةً عن نعمة سعة الرزق ورغد العيش، بل لا تتحقق بدونها، لذا تأتي غالبًا قرينة الذكرِ للشبع من الجوع، ألا وهي نعمة الأمن من الخوف، قال ربنا جلّ وعلا: ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف ﴾ [قريش:4].
والأمن على مراتب:
فأوله: الأمان من عقاب الله العام في الدنيا، وقد كان في الأمم السابقة عقوبة استئصال تأتي على أخرهم، كما كان في قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وفرعون وهامان وقارون، حين كذبوا بلقاء الله فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت:40]، فلم تغن عنهم قوتهم ولم تشفع لهم توبتهم ولم يدفع عنهم إيمانهم شيئًا وقد عاينوا العذاب، كما لم يغن عن فرعون حين أدركه الغرق، وتلك سنة الله في عباده: ﴿ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ﴾ [غافر:85]، ولم يَستثن الله من ذلك إلا قوم يونس، ” لم ينفع قريةً كفرت ثم آمنت حين حضرها العذابُ، فتُرِكت، إلا قوم يونس؛ لما فقدوا نبيَّهم وظنوا أن العذاب قد دنا منهم، قذف الله في قلوبهم التوبة، ولبسوا المسوح وفرقوا بين كل بهيمة وولدها، ثم عجُّوا إلى الله أربعين ليلةً، فلما عرف الله الصِّدق من قلوبهم، والتوبة والندامة على ما مضى منهم، كشف الله عنهم العذاب بعد أن تدلَّى عليهم “[1]، فقال الله فيهم: ﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ﴾ [يونس:98]،
وأما أمة النبي محمد ﷺ فقد حفظها الله من الهلاك العام الذي يستأصلها، بدعوة رسولها الكريم: ” وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها – أو قال من بين أقطارها – حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا “[2]، وجاء ذلك عن جابر رضي الله عنه، قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ ﴾، قال رسول الله ﷺ: ” أعوذ بوجهك “، قال: ﴿ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾، قال: ” أعوذ بوجهك “، ﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ﴾ [الأنعام: 65] قال رسول الله ﷺ: ” هذا أهون – أو هذا أيسر “[3]، فرفع الله عن هذه الأمة الهلاك العام ببركة نبيها، وبقيت صور من العقوبات التي استُثنيت، لكن مع ذلك فإن الله من رحمته بها قد وهب لهم أمانًا آخر من ذلك الاستثناء؛ إن هم داموا على التوبة والاستغفار، وشاهده ما رُوي عن أبي موسى قال: ” أمانان كانا على عهد رسول الله ﷺ، رفع أحدهما وبقي الآخر؛ ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال:33] “[4]، وقد رُوي عن رسول الله ﷺ أنه قال: ” العبد آمن من عذاب الله، ما استغفر الله “[5]، وهذا يتضمن الاستغفار مما مضى والتوبة عن مواقعته مستقبلًا، كما قال ابن القيم ت 751هـ: ” فالاستغفار يتضمن التوبة، والتوبة تتضمن الاستغفار، وكل منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق “[6].
وهذه التوبة الدائمة والاستغفار المستمر والتصحيح الذي لا ينقطع يقتضي عدم الغفلة التي يُنسى فيها ذكر الله ويُؤمن معها مكره، فلا تجتمع الغفلة مع التوبة، ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، لذا فإن رسول الله ﷺ – الذي وعده ربه ألا يعذب أمته وهو فيهم، كما روت عائشة رضي الله عنها -: كان إذا رأى مَخِيلَةً في السماء، أقبل وأدبر، ودخل وخرج، وتغير وجهه، فإذا أمطرت السماء سري عنه، فعرفته عائشة ذلك، فقال النبي ﷺ: ” ما أدري لعله كما قال قوم “: ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَ ﴾ [الأحقاف: 24] الآية[7]، ولما كسفت الشمس في عهده، وصلى بالناس الكسوف أطال وجعل ينفخ في آخر سجوده من الركعة الثانية، ويبكي ويقول: ” لم تعدني هذا وأنا فيهم، لم تعدني هذا ونحن نستغفرك “[8]، وجاء في رواية لما خسفت الشمس: ” فقام النبي ﷺ فزعا، يخشى أن تكون الساعة “[9]، فهذا حال النبي الموعود فكيف بمن دونه!، فلا يأمن العباد عندما تبسط لهم النعمة أن يغفلوا عن التوبة والاستغفار فيستدرجهم الله من حيث لا يعلمون، ثم يأتيهم بأسه بياتًا وهم نائمون أو ضحىً وهم يلعبون.
وفوقه في الرتبة: أمانٌ تحبه النفوس يأتي مع تمكين الله لعباده المؤمنين، فيبدّل خوفهم أمنًا من عدوان الأعداء والمتربصين أو ضياع حقوقهم بالجور والظلم بين المسلمين، ولعل تخصيص الأمن بالذكر – رغم أن التمكين من لوازمه – لعظيم المنة فيه وحاجة النفوس إليه، وما جاء في سبب نزول الآية يوضح ذلك، فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: ” لما قدم رسول الله ﷺ وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار، رمتهم العرب عن قوس واحدة، كانوا لا يبيتون إلا بالسلاح ولا يصبحون إلا فيه، فقالوا: ” ترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله؟ فنزلت الآية “[10] وفيها: ﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور:55]، وقد ذكّرهم الله تعالى في موضع بهذا الأمن في سياق استحقاق الشكر، فقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 26]، قال قتادة السدوسي ت 118هـ في الآية: ” كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا وأشقاه عيشا، وأجوعه بطونا، وأعراه جلودا، وأبينه ضلالا مكعومين على رأس حجر، بين الأسدين فارس والروم، ولا والله ما في بلادهم يومئذ من شيء يحسدون عليه، من عاش منهم عاش شقيا، ومن مات منهم ردي في النار، يؤكلون ولا يأكلون، والله ما نعلم قبيلا من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشر منزلا منهم، حتى جاء الله بالإسلام فمكن به في البلاد، ووسع به في الرزق، وجعلهم به ملوكا على رقاب الناس. وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا لله نعمه ، فإن ربكم منعم يحب الشكر، وأهل الشكر في مزيد من الله تعالى “[11]
وقد امتن الله تعالى بنعمة الأمن على أقوامٍ لكنهم لم يرعوا تلك النعمة، فبدلها الله عليهم، كسبأ التي ضُرب بها المثل في رغد العيش والأمن، فقال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴾ [سبأ:18]، قال قتادة السدوسي ت 118هـ: ” لا يخافون ظلمًا ولا جوعًا، وإنما يغدون فيقيلون، ويروحون فيبيتون في قرية أهل جنة ونهر، حتى لقد ذُكر لنا أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها، وتمتهن بيدها، فيمتلىء مكتلها من الثمر قبل أن ترجع إلى أهلها من غير أن تخترف شيئًا، وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زادًا ولا سقاء مما بُسِط للقوم. “[12]، وما كانت قريش عنهم ببعيد، وقد أكرمهم الله بالمقام في البلد الحرام، دعوة أبيهم إبراهيم عليهم السلام إذ قال: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [البقرة:126]، فقال الله تعالى ممتنًا عليهم: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ [العنكبوت:67]، ولما تعللت قريش بالكفر خوفًا على نفسها من الهلكة، ذكرهم بأنه هو واهب هذا الأمان ابتداءً وسالبه إن شاء انتهاءً؛ ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا ﴾ [القصص:57] أي: ” لا يعلمون أنا نحن الذين مكَّنا لهم حرما آمنا، ورزقناهم فيه، وجعلنا الثمرات من كلّ أرض تجبي إليهم “[13]، فلما كذبوا رسول الله ﷺ وآذوه، سلبهم الله تلك النعمة، فقال: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل:112]، يقول ابن جرير ت 310هـ عن مكة وهي المثل في الآية: ” وكان أمنها أن العرب كانت تتعادى، ويقتل بعضها بعضا، ويَسْبي بعضها بعضا، وأهل مكة لا يُغار عليهم، ولا يحارَبون في بلدهم، فذلك كان أمنها “، فبدل الله أمنهم خوفًا، ” وأما الخوف فإن ذلك كان خوفهم من سرايا رسول الله ﷺ التي كانت تطيف بهم “[14].
فلا يُلتمس الأمن في الانصراف إلى أسبابه المادية والإعراض عمن بيده إجراؤها وتعطيلها، فإن فعلوا ذلك وكَلهم إلى أسبابهم فلا تغني عنهم شيئًا، كما كان يوم حنين حين غرت بعض المسلمين كثرتهم فلم تغن عنهم شيئًا؛ ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾ [التوبة:25]، وكالمعاندين الذين ظنوا أن أسبابهم واستعداداتهم وحصونهم مانعتهم من الله فأتاهم من حيث لم يحتسبوا وأخذهم بغتة وهم لا يشعرون، أو كالمتخلفين عن الواجبات الشرعية لتخلف الأسباب، فقالوا إن بيوتنا عورة طلبًا للأمن وفرارًا من القتل، فقال الله لهم: ﴿ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [الأحزاب:17]، فإنما يلتمس الأمن أولًا من عند واهبه، في امتثال أمره وجتناب نهيه.
وأعظمه منزلة؛ الأمن في يومٍ يجعل الولدان شيبًا من هوله وشدته، فتذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وماهم بسكارى، فأخبر الله تعالى عن حال المؤمنين يومئذ، فقال: ﴿ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء:103]، وقد استثناهم الله تعالى أيضًا في قوله: ﴿ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ﴾ [النمل:87]، ثم قال بعد ذلك عن أهل التوحيد الذين جاؤوا بلا إله إلا الله مخلصين له الدين: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ﴾ [النمل:89]، فهؤلاء هم الآمنون يوم فزع الخلائق، وقد جاء هذا المعنى فيما روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ فيما يروي عن ربه جل وعلا، قال: “وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين، إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة”[15]، فكان جزاؤهم من جنس أعمالهم، فأمّنهم الله يوم يخاف الناس كما خافوه يوم أمِن الناس مكره وعذابه، فاستحقوا الأمن بتوحيدهم وبراءتهم من الشرك، قال تعالى: ﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام:81-82]، واستحقوه ببراءتهم من الإلحاد في آيات الله والتسليم له بالإيمان والإذعان له بالطاعة، كما قال ربنا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [فصلت:40]، ولو لم يعد على العبد من الإيمان إلا هذا الأمان لكفاه، فكيف إذا اجتمع معه غيره!.
فتبين لنا أن إصلاح إيمان الناس بالعودة عن صور الانحرافات المعرفية والعبادية والتوبة منها والاستقامة على سبيل الله القويم، مؤذنٌ بالأمان يوم الفزع الأكبر والآمان في الدنيا إلى حين، كما وعد ربنا في كتابه وبشّر به نبيه في سنته، وقد وقع ذلك حتى سار الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه، ولكن نفوس لا تطمئن إلا لأسباب المادة فتتعلق بها وتلهث وراءها وتنسى تزكية الإيمان الذي تنال به وعد ربها، والله المستعان.
[1] رواية الطبري عن قتادة في تفسير الآية
[2] صحيح مسلم: 2889، سنن الترمذي: 2176، مسند أحمد: 22395
[3] صحيح البخاري: 4628، سنن الترمذي: 3065، مسند أحمد: 14316
[4] مسند أحمد: 19607، المستدرك على الصحيحين للحاكم: 1989
[5] مسند أحمد: 23953
[6] مدارج السالكين، ابن قيم الجوزية، دار الكتاب العربي – بيروت، ص 1/315
[7] صحيح البخاري: 3206، صحيح مسلم: 899، مسند أحمد: 25342
[8] سنن النسائي: 1482، سنن أبي داود: 1194، مسند أحمد: 6483
[9] صحيح البخاري: 1059، صحيح مسلم: 912، سنن النسائي: 1503
[10] المستدرك على الصحيحين للحاكم: 3512
[11] ابن كثير في تفسير الآية
[12] الطبري في تفسير الآية
[13] الطبري في تفسير الآية
[14] انظر الطبري في تفسير الآية
[15] صحيح ابن حبان: 640